قصيـــــــــدة المســـــــــــاء
خليل مطران
داءٌ ألـــــــــم فيـــــــــــه شفــــائي من صـــــــــبوتي فتضاعفتْ برجائي
يا للضـــــــــعيفين استبدا بي وما في الـــــظلمِ مثل تحــــــــــــكمِ الضعــــــفاءِ
قلبٌ أذابـــــتهُ الصبـــابةُ والجوى وغلالـــــــــــــــ ـــةٌ رثــــــــــــــةٌ من الأدواءِ
والروحُ بيــــــنهما نســـــــيمٌ تنهد في حالي التصــــــويبِ و الصعــــــــــــــدا ءِ
والعقــــلٌ كالمصباحِ يغشى نوره كــــــــــــــدري ويضعفهُ نضوب دمائـــــــي
إني أقـــــمتُ على التعلةِ بالمنى في غربة ٍ قالوا تكـــــــــــــونُ دوائي
إن يشف هذا الجسم طيب هوائها أيــــــــلطف النـــــــــــــــير ان طيب هــــــواءِ ؟
عبثٌ طوافـــــــي في البلادِ وعلةٌ فـي عـــــــــــلةٍ مــــــــــــــنفايَ لااســــــتشفاءِ
متـــــفردٌ بصــــــــــبابتي, متفردٌ بكــــــــــــــــــ آبتي , متفــــــــــــــردٌ بعنـــائي
شاكٍ إلى البحر اضطراب خواطري فيجـــــــــــــيبني برياحـــــــــــهِ الهوجاءِ
ثاوٍ على صخرٍ أصـــــــــمٍ وليت لي قلــــــــــــباً كهــــــــذي الصخرةِ الصماءِ
ينتابها موجٌ كموجِ مكـــــــــــــارهي ويفــــــــــــتها كالسقمِ في أعضـــــــــائي
والبحرُ خفاقُ الجوانـــــــــــبِ ضائقٌ كمداً كصدري ساعةَ الإمســـــــــــــــ ـــاءِ
تغـــشى البرية كـــــــــــــدرة وكأنها صــــــــــــــــــع دتْ إلى عيني من أحشائي
والأفقُ معتكرٌ قريحٌ جفــــــــــــــــنه يغضي على الغمراتِ والأقـــــــــــــــ ــــذاءِ
يا للغروبِ وما بهِ من عـــــــــــــبرةٍ لــــلمستهامِ وعبرةٍ للرائـــــــــــــــ ـــــــــــي
أوليس نزعاً للنهار وصرعــــــــــةً للشـــــــــــــــــ ــــــــمسِ بين مآتمِ الأضواءِ ؟
أوليس طـــــــــــــمساً لليقين ومبعثاً للشك بين غلائلِ الظـــــــــــــــــ ــــــــــلماءِ ؟
أوليس محواً للوجــــــــود إلى مدى وإبـــادةً لمعـــــــــــــــــ ــــــــــــالم الأشياءِ ؟
حتى يكونَ النورُ تجديداً لــــــــــها ويكونَ شبــــــــــــــــهُ البعثِ عود ذكـــــــــاءِ
ولقد ذكرتــــُــــــــك والنهارُ مودِعٌ والقلـــــــــــــــ ـــــــــــــبُ بين مهابةٍ ورجاءِ
وخواطري تبدو تجاه نواظــــــــري كلّمى كداميـــــــــــــــ ــــــــةِ السحاب إزائي
والدمعُ من جفني يسيلُ مشعشعـــــاً بسنى الشعــــــــــــــــ ــــاعِ الغاربِ المترائي
والشمسُ في شـــــــفقٍ يسيلُ نظارهُ فوقَ العقــــــــــــــــ ــــــيقِ على درىً سوداءِ
مرتْ خلالَ غَمامتينِ تحــــــــــــدرا وتقطرتْ كالدمعــــــــــــــ ـــــــــةِ الحـــمراءِ
فكأن آخرُ دمعــــــــــــــــة ٍ للكونِ قد مُزجتْ بآخرِ أدمعـــــي لرثـــــــــــــــــ ـــائي
وكأنني آنستُ يومــــــــــــــي زائلاً فـــــــــــــــــــ ــرأيتُ في المرآة كيفَ مسائي ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاني الكلمات :
• صبوتي : مرحلة الفتوة , وبرحائي : الشدة والأذى الشر .
• الصبابة : الشوق والولع الشديد , والجوى : تطاول المرض , وغلالة : شعار يلبس تحت الثوب أو تحت الذراع والجمع غلائل .
• الكدر: الغم .
• التعلة: التلهي بشيء عن شيء .
• الريح الهوجاء : سريعة الهبوب .
• ثاو : مقيم , والصماء : الصلبة الملساء .
• ينتابها : يصيبها مرارا وتكرارا , ويفتها : يحطمها وينهيها .
• كمدا : الحزن والغم الشديد .
• معتكر :مظلم ومغبر , وقريح : جريح , ويغضي : يطبق جفنه , والغمرات : الشدائد , والأقذاء: جمع قذى : وهو ما يقع في العين فيؤلمها .
• المستهام : شديد الحب , وعبرة بفتح العين دمعة , وبكسرها فائدة وعبرة ودرس في الحياة .
• نزعا : موتا ونهاية , وصرعة : الصرعة الطرح على الأرض.
• عود ذكاء : الذكاء اسم علم للشمس , والمقصود رجوع الشمس بعد الغياب .
• كلمى : جريحة , ودامية السحاب : السحابة الحمراء.
• مشعشعا : ممزوجا , السنى : الضوء , الغارب المترائي : الذي يميل للغروب ولايزال بعضه يتراءى ويظهر .
• النظار : الذهب , العقيق : خرز أحمر , والذري : السحب المرتفعة كالجبال السوداء .
• غمامتين : سحابتين , وتقطرت : سالت قطرات .
• آنست : أبصرت .
مناسبة القصيدة :
في عام 1902 م مرض خليل مطران , وانتقل من القاهرة الى الإسكندرية للاصطياف والاستشفاء , ظانا أن هذا يشفيه من علة أصابته , ومرض آلمه , ولمن شجونه تضاعفت , فأخذ يبث شكواه في هذه القصيدة الرائعة وهو جالس ينظر الى البحر وغروب الشمس , مقارنا حالته بحالة المساء في أسلوب شعري تميز بقوة العاطفة وصدق الوجدان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راحيــــــــــــــــــل
خليل مطران
داءٌ ألـــــــــم فيـــــــــــه شفــــائي من صـــــــــبوتي فتضاعفتْ برجائي
يا للضـــــــــعيفين استبدا بي وما في الـــــظلمِ مثل تحــــــــــــكمِ الضعــــــفاءِ
قلبٌ أذابـــــتهُ الصبـــابةُ والجوى وغلالـــــــــــــــ ـــةٌ رثــــــــــــــةٌ من الأدواءِ
والروحُ بيــــــنهما نســـــــيمٌ تنهد في حالي التصــــــويبِ و الصعــــــــــــــدا ءِ
والعقــــلٌ كالمصباحِ يغشى نوره كــــــــــــــدري ويضعفهُ نضوب دمائـــــــي
إني أقـــــمتُ على التعلةِ بالمنى في غربة ٍ قالوا تكـــــــــــــونُ دوائي
إن يشف هذا الجسم طيب هوائها أيــــــــلطف النـــــــــــــــير ان طيب هــــــواءِ ؟
عبثٌ طوافـــــــي في البلادِ وعلةٌ فـي عـــــــــــلةٍ مــــــــــــــنفايَ لااســــــتشفاءِ
متـــــفردٌ بصــــــــــبابتي, متفردٌ بكــــــــــــــــــ آبتي , متفــــــــــــــردٌ بعنـــائي
شاكٍ إلى البحر اضطراب خواطري فيجـــــــــــــيبني برياحـــــــــــهِ الهوجاءِ
ثاوٍ على صخرٍ أصـــــــــمٍ وليت لي قلــــــــــــباً كهــــــــذي الصخرةِ الصماءِ
ينتابها موجٌ كموجِ مكـــــــــــــارهي ويفــــــــــــتها كالسقمِ في أعضـــــــــائي
والبحرُ خفاقُ الجوانـــــــــــبِ ضائقٌ كمداً كصدري ساعةَ الإمســـــــــــــــ ـــاءِ
تغـــشى البرية كـــــــــــــدرة وكأنها صــــــــــــــــــع دتْ إلى عيني من أحشائي
والأفقُ معتكرٌ قريحٌ جفــــــــــــــــنه يغضي على الغمراتِ والأقـــــــــــــــ ــــذاءِ
يا للغروبِ وما بهِ من عـــــــــــــبرةٍ لــــلمستهامِ وعبرةٍ للرائـــــــــــــــ ـــــــــــي
أوليس نزعاً للنهار وصرعــــــــــةً للشـــــــــــــــــ ــــــــمسِ بين مآتمِ الأضواءِ ؟
أوليس طـــــــــــــمساً لليقين ومبعثاً للشك بين غلائلِ الظـــــــــــــــــ ــــــــــلماءِ ؟
أوليس محواً للوجــــــــود إلى مدى وإبـــادةً لمعـــــــــــــــــ ــــــــــــالم الأشياءِ ؟
حتى يكونَ النورُ تجديداً لــــــــــها ويكونَ شبــــــــــــــــهُ البعثِ عود ذكـــــــــاءِ
ولقد ذكرتــــُــــــــك والنهارُ مودِعٌ والقلـــــــــــــــ ـــــــــــــبُ بين مهابةٍ ورجاءِ
وخواطري تبدو تجاه نواظــــــــري كلّمى كداميـــــــــــــــ ــــــــةِ السحاب إزائي
والدمعُ من جفني يسيلُ مشعشعـــــاً بسنى الشعــــــــــــــــ ــــاعِ الغاربِ المترائي
والشمسُ في شـــــــفقٍ يسيلُ نظارهُ فوقَ العقــــــــــــــــ ــــــيقِ على درىً سوداءِ
مرتْ خلالَ غَمامتينِ تحــــــــــــدرا وتقطرتْ كالدمعــــــــــــــ ـــــــــةِ الحـــمراءِ
فكأن آخرُ دمعــــــــــــــــة ٍ للكونِ قد مُزجتْ بآخرِ أدمعـــــي لرثـــــــــــــــــ ـــائي
وكأنني آنستُ يومــــــــــــــي زائلاً فـــــــــــــــــــ ــرأيتُ في المرآة كيفَ مسائي ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاني الكلمات :
• صبوتي : مرحلة الفتوة , وبرحائي : الشدة والأذى الشر .
• الصبابة : الشوق والولع الشديد , والجوى : تطاول المرض , وغلالة : شعار يلبس تحت الثوب أو تحت الذراع والجمع غلائل .
• الكدر: الغم .
• التعلة: التلهي بشيء عن شيء .
• الريح الهوجاء : سريعة الهبوب .
• ثاو : مقيم , والصماء : الصلبة الملساء .
• ينتابها : يصيبها مرارا وتكرارا , ويفتها : يحطمها وينهيها .
• كمدا : الحزن والغم الشديد .
• معتكر :مظلم ومغبر , وقريح : جريح , ويغضي : يطبق جفنه , والغمرات : الشدائد , والأقذاء: جمع قذى : وهو ما يقع في العين فيؤلمها .
• المستهام : شديد الحب , وعبرة بفتح العين دمعة , وبكسرها فائدة وعبرة ودرس في الحياة .
• نزعا : موتا ونهاية , وصرعة : الصرعة الطرح على الأرض.
• عود ذكاء : الذكاء اسم علم للشمس , والمقصود رجوع الشمس بعد الغياب .
• كلمى : جريحة , ودامية السحاب : السحابة الحمراء.
• مشعشعا : ممزوجا , السنى : الضوء , الغارب المترائي : الذي يميل للغروب ولايزال بعضه يتراءى ويظهر .
• النظار : الذهب , العقيق : خرز أحمر , والذري : السحب المرتفعة كالجبال السوداء .
• غمامتين : سحابتين , وتقطرت : سالت قطرات .
• آنست : أبصرت .
مناسبة القصيدة :
في عام 1902 م مرض خليل مطران , وانتقل من القاهرة الى الإسكندرية للاصطياف والاستشفاء , ظانا أن هذا يشفيه من علة أصابته , ومرض آلمه , ولمن شجونه تضاعفت , فأخذ يبث شكواه في هذه القصيدة الرائعة وهو جالس ينظر الى البحر وغروب الشمس , مقارنا حالته بحالة المساء في أسلوب شعري تميز بقوة العاطفة وصدق الوجدان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راحيــــــــــــــــــل